مدخل إلى الترجمة

تُعدّ الترجمةُ جسرًا بين الأمم والشعوب؛ لكونها وسيلة تواصل بين لغات وثقافات العالم، وتكتسب أهميتها من تسهيل تبادل العلوم و المعارف، ولطالما ساعدت الترجمة في نهوض الأمم و ازدهارها في شتى المجالات؛ العلمية، والأدبية، والاجتماعية، والاقتصادية، وغيرها.

13/06/2023 534 2

مقدمة

تُعدّ الترجمةُ جسرًا بين الأمم والشعوب؛ لكونها وسيلة تواصل بين لغات وثقافات العالم، وتكتسب أهميتها من تسهيل تبادل العلوم و المعارف، ولطالما ساعدت الترجمة في نهوض الأمم و ازدهارها في شتى المجالات؛ العلمية، والأدبية، والاجتماعية، والاقتصادية، وغيرها.

1- معنى الترجمة

تعني الترجمة في لغة العرب البيان والوضوح والتفسير وتعرف في الاصطلاح بأنها: فن نقل الكلام من لغة إلى أخرى.

2- تاريخ الترجمة

تعتبر ترجمة الكتاب المقدس العبري (التوراة) إلى اليونانية في القرن الثالث قبل الميلاد، أول ترجمة رئيسة بالنسبة للعالم الغربي؛ وذلك لنسيان اليهود لغتهم الأصلية، والحاجة لأن يقرؤوا كتابهم باللغة التي كانوا يعرفونها آنذاك، وتعرف هذه الترجمة بالسبعينية.

ثم توسعت أنشطة الترجمة قليلا لتشمل ترجمة الأعمال اللاتينية للغات الغربية الأخرى؛ كالإنجليزية. وكانت معظم هذه الأعمال فلسفية ودينية وأدبية، وقد ساعدت في تطوير النثر الإنجليزي وإثرائه، ومن أهم أمثلتها: ترجمات تشوسر.

ثم قام العرب - بعد أن ضموا كثيرا من مناطق الإمبراطورية البيزنطية - بجهود واسعة النطاق من أجل تقديم نسخ عربية للأعمال الفلسفية والعلمية اليونانية الرئيسة، فترجم العرب عن الفرس واليونان، كما أخذ الفرس واليونان عن العرب وزادت التراجم بين جميع اللغات، وأدى انتشار الإسلام للحاجة إلى المزيد من التراجم.

أدى الانفجار المعرفي والثورات العلمية في العصور المتأخرة إلى انتشار التراجم وإيجاد دور للترجمة.

كانت أنشطة الترجمة أنشطة فرعية تساند العلوم الأخرى، فوجدت الترجمة في حلقات ودروس تعليم اللغات وشرح قواعدها، وفي دروس الأدب المقارن وغيرها، إلى أن نادى بعض العلماء بفصل الترجمة كمجال قائم بذاته، تكون له أسسه و دراساته، وقد تم ذلك في سبعينيات القرن العشرين.

3- أنواع الترجمة

   الترجمة الشفهية 

الترجمة التحريرية / الكتابية

الترجمة الإلكترونية الآلية

الترجمة التحريرية / الكتابية: وهي نقل معنى الكلام المراد ترجمته كتابة، ولها أنواع فرعية؛ كالعلمية، والأدبية، والقانونية، والدينية، والإعلامية، وغيرها الكثير.

الترجمة الشفهية: وهي ترجمة تنقل المعنى شفهيا وهي على نوعين: الفورية وهي الترجمة التي لا يتوقف فيها المتحدث ليفسح المجال للمترجم ليترجم كلامه، وإنما يتزامنان في الحديث . والتتابعية: وهي الترجمة التي يتوقف فيها المتحدث ليتيح الفرصة للمترجم ليقوم بنقل المعنى وترجمة كلامه. وتستخدم الترجمة الفورية في المؤتمرات والاجتماعات الهامة الكبيرة، بينما تستخدم التتابعية فيما يسمى بـ «ترجمة المرافق»؛ إذ يكون المترجم التتابعي مرافقا لشخص ما؛ فينقل له ما يقال، وينقل عنه ما يقول .

الترجمة الإلكترونية / الآلية: وهي ترجمة فورية لنص من لغة المصدر ( وهي لغة النص المراد ترجمته)، إلى لغة الهدف وهي اللغة التي سيترجم النص إليها)، باستخدام الحواسيب وتقنيات الذكاء الصناعي والتعلم الآلي، وقد شهدت الأعوام الأخيرة إقبالا كبيرا عليها، وتصلح للنصوص المباشرة والسهلة، ويمكن اعتبارها أسرع طرق الترجمة، إلا أن هناك الكثير من المؤاخذات عليها، فمثلا: تفشل الترجمة الآلية في التعرف على التعبيرات الاصطلاحية، وفي الترجمات الأدبية والدينية، وفي ترتيب الجملة، وخصوصا عند تباين ترتيب الكلمات بين لغة المصدر ولغة الهدف، وقد تظهر أيضًا بعض المشاكل النحوية؛ لاختلاف النظام النحوي بين اللغتين. ومع ذلك، فلا يستطيع أحد أن ينكر الشوط الكبير الذي قطعته الترجمة الآلية، وهناك عمل مستمر دؤوب ؛ للتخلص من هذه المشاكل، وتحسين مخرجات الترجمة .

وقد مرت الترجمة الآلية بثلاث مراحل: الأولى: كانت في التنفيذ الآلي لعملية الترجمة باستخدام الحواسيب بدلا من الترجمة البشرية . الثانية: كانت عن طريق استخدام ذواكر الترجمة المعروفة بـ (CAT- Computerized Assistant Tools) وتختلف عن المرحلة الأولى بأن هذه الذواكر شخصية تقوم بدراسة ترجمات المترجم، وتخزين ما ينتجه شخصيا، والاستعانة به لاحقًا في عمليات الترجمة، وبذلك تسرعها. بمعنى آخر : ذاكرة الترجمة هي قاعدة بيانات ثنائية اللغة، تقوم بتخزين النصوص المترجمة سابقا عن طريق برامج معينة، حيث يقوم المستخدم بإنشاء هذه الترجمات في البداية، واستخدامها لاحقا عند الحاجة إليها. الثالثة: هي الترجمة الآلية العصبية Neural Machine Translation-NMT : تقوم على استخدام شبكة عصبية صناعية؛ للتنبؤ باحتمال وجود سلسلة من الكلمات، وعادةً ما تصوغ جملا كاملة في نموذج واحد متكامل.

4- أركان الترجمة

اللغة 

هدف الترجمة

النص

المترجم

القارئ أو المستهدف

اللغة: تعتبر اللغة عاملا مهما جدا عند الترجمة؛ فسهولتها أو صعوبتها، وغزارة تعبيراتها ومترادفاتها مقابل محدوديتها وبدائيتها، والمرونة في الأساليب والتراكيب النحوية وغيرها، كل هذا يؤثر على عملية الترجمة .

هدف الترجمة: وهو من أهم عناصر الترجمة؛ إذ قبل الشروع في الترجمة، يجب معرفة الهدف منها ومن استخدامها؛ لأن جميع الخطوات اللاحقة ستبنى على معرفة وتحديد الهدف من الترجمة . يتحكم الهدف بطبيعة النص المترجم، وبالإستراتيجيات والنظريات المتبعة من قبل المترجم عند الترجمة، فقد يتم تبسيط نص معقد أو العكس، وقد تحدد الجهة الطالبة للترجمة - دار النشر مثلا - شكل الترجمة ونوعها بناءً على الهدف منها ، وهنا قد يتغير الهدف الأصلي للنص إلى هدف آخر؛ بسبب تغيّر الجمهور، أو فكر القائمين على الترجمة أو غير ذلك. فعلى سبيل المثال : لو كان الهدف من الترجمة تعليميا، فستكون الترجمة مباشرة، ولو كان الهدف توثيقيا، أو قانونيا، فستكون الترجمة حرفية، ولو كان الهدف إيصال المعلومة، فسوف تستخدم الترجمة الحرة.

النص: يهدف النص إلى إخبار المتلقي بمعلومات معينة، من خلال استخدام نسق لغوي ما، ويختلف النص باختلاف نوعه الأسلوبي (Genre)، فمنه ما هو سردي، ومنه ما هو ديني، أو قانوني، أو تاريخي ، أو أدبي، وغيرها؛ وهذا يتطلب من المترجم استخدام وتسخير الإستراتيجيات والأساليب اللازمة للتعامل مع كل نص على حدة، وليس اعتماد الأسلوب ذاته لجميع النصوص، فلكل نص خصائصه المميزة، وقد تتداخل الأنواع، فنجد نصا تاريخيا أدبيا مثلا، وهذا يتطلب من المترجم جهدًا ووقتا زائدين ، للإتيان بنتيجة مرضية .

المترجم: وهو المحرك الأساسي لعملية الترجمة وموجهها، ويقع عليه عبء كبير، فهو الوسيط بين اللغتين؛ لغة المصدر ولغة الهدف، حيث يعمل على تيسير عملية التواصل بين نص لغة الهدف وقارئه. يكون المترجم أمام خيارات عديدة، مثل: الحرية أو الانضباط في الترجمة ، ويحكم عمله بعض المحددات؛ كالكفاءة اللغوية والثقافية والترجمية، واطلاعه وسعة معلوماته.

القارئ أو المستهدف: ينبغي للمترجم أن يتعرف على جمهور القراء؛ ليختار الأسلوب والألفاظ المناسبة لهم، فمثلا: ينبغي أن يكون الأسلوب مبسطا ومختصرًا للأطفال، وقد يكون منمقا وغير مباشر عند وجود حساسيات ومحاذير عند الجمهور، وقد يكون نصا عاليا ومعقدا لجمهور واع ومثقف، وهكذا.

5- مشكلة الترجمة الحقيقية

المشكلة الأساسية التي تواجه المترجم هي عدم التطابق بين اللغتين، وهذا يأتي في طليعة الصعوبات؛ فمن يجزم علماء اللغات أن التطابق بينها مستحيل، ومن هنا فسوف يتأثر المخرج النهائي للترجمة إذا أصر المترجم على إخراج نص مترجم يطابق النص الأصلي، خاصة وأن التطابق تغلب عليه المعايير الكمية والشكلية .

المعلوم أن لكل لغة حصيلتها الخاصة من المفردات، ومن المترادفات التي تتشابه في دلالاتها ومعانيها، ولا يفصل بينها إلا بعض الفوارق الطفيفة، ووجود هذه المترادفات يمثل صعوبة لدى المترجم في انتقاء المفردة الدقيقة التي تكافئ المفردة في لغة المصدر .

إن عدم تطابق اللغتين يدفع المترجم لاتخاذ بعض القرارات التي قد لا تعجب جميع الأذواق ، فيتعرض المترجم للنقد واللوم ، مع أن المشكلة في الأساس هي عدم تطابق اللغتين، وغياب المكافئ اللغوي في لغة المصدر، وليس عدم كفاءة المترجم الذي قد يكون على درجة عالية من الإتقان.

6- تحديات الترجمة

تتعدد التحديات التي تواجه المترجم، وتجملها فيما يلي:

الصعوبات التركيبية: تضع القواعد النحوية والتراكيب البنائية المترجم أمام صعوبة جديدة عند قيامه بالترجمة، فالتركيب البنائي للجملة في العربية يختلف عنه في الإنجليزية، فمثلا: تتركب الجملة الفعلية في العربية من فعل ثم فاعل ومفعول به، وقد يتقدم الفاعل ويصير مبتدأ)، بينما تتركب الجملة الإنجليزية تركيبا مغايرا؛ فتبدأ بالفاعل ثم الفعل فالمفعول به، ويوجد مفعول مطلق في العربية ولا يوجد ما يقابله في الإنجليزية، وغير ذلك، لذا فإنَّ المترجم يلجأ هنا إلى إعادة هيكلة مكونات الجملة في لغة المصدر؛ حتى يستطيع طرح صيغة بنيوية مكافئة في لغة الهدف.

الصعوبات السياقية (التداولية): في بعض الأحيان، قد يلجأ صاحب النص إلى استخدام أساليب لغوية مثل المجاز وغيره من الأساليب التداولية، التي تنقل المعنى من النص إلى ما وراء النص، فعلى سبيل المثال : إذا قال الوالد لابنه: (أنت ذراعي الأيمن) فهو يعني أنه يعتبره معينه على أداء الأعمال، وهنا تتركز الصعوبة في ضرورة إدراك المعنى الأصلي الذي عناه صاحب النص؛ ليتمكن المترجم بعد ذلك من البحث عن صيغة الترجمة المكافئة.

الصعوبات الصوتية: إن ظاهرة التشابه الصوتي بين بعض الكلمات - بمعنى التطابق في نطق كلمتين مختلفتين - موجودة في جميع اللغات الإنسانية، وهذا يضعنا أمام مشكلتين، الأولى التمييز بين هذه الكلمات لمعرفة المعنى اللغوي لها، والثانية: تحديد البنية النحوية. فمثلا: كلمة (كتبنا) في اللغة العربية تنطق بنفس الطريقة في حال المتكلم (المثنى والجمع ) ، مثل: كتبنا الوظيفة، وهنا تظهر أمام المترجم مشكلة ضرورة تحديد الفاعل في هذه الجملة، وهل هو مثنى أم جمع ، رغم أن الجملة صحيحة وسليمة وواضحة.

الصعوبات الثقافية: ترتبط اللغة ارتباطا وثيقا بثقافة أهلها، بل وتعد مكون وتعد مكونا من مكونات ثقافة المجتمع ، فألفاظ النص تحمل دلالات محددة وفقا لثقافة أهل اللغة، فلا بد من مراعاة ذلك عند الترجمة، فمثلا : لو أردنا أن نترجم اسم لعبة ( البيسبول ) للعربية قبل أن تشتهر عند العرب فلن نجد لها مكافيًا، وإذا أردنا أن نترجم قصة وفيها (أن الضيف لم يشرب قهوة المضيف)، فهذه في بعض المجتمعات تعني أنه امتنع عن الشرب في انتظار موافقة المضيف على طلب جاء يطلبه منه، فإن ترجمت العبارة حرفيا دون زيادة إيضاح ، فلن يفهمها الأجنبي الذي لا يعرف ثقافة هذا المجتمع .

7- نظريات الترجمة

هي النظريات التي تحاول أن تشرح عملية الترجمة، وتضع الخطوط العريضة للاختيارات التي سيقوم بها المترجم في ترجمة النص؛ ليظهر أكثر دقة ومناسبة للهدف من الترجمة، وبالشكل الأكثر انسجاما في كامل نص الهدف، ومن أهم هذه النظريات:

نظرية التكافؤ الديناميكي والتكافؤ الشكلي "Dynamic and formal equivalence": يبحث المترجم أساسًا عن المكافئات اللفظية والتعبيرية في لغة الهدف حتى يترجم إليها، ويشمل ذلك: الأصوات، والتراكيب، والقواعد، والترتيب، والمعاني، وهو ما يعرف بالتكافؤ الشكلي. وفي حال قصرت لغة الهدف عن توفير مكافئات لبعض ما سبق ، يلجأ المترجم إلى استخدام التكافؤ الديناميكي، وهو أن يوجد التعبيرات المتوفرة في لغة الهدف التي توصل نفس المعنى، حتى لو لم تكن الألفاظ والتراكيب مكافئة للغة المصدر . فمثلا: ترجمة «ضع الكتاب على الطاولة» إلى في اللغة الإنجليزية put the book on the table تعتبر ترجمة بالمكافئ الشكلي ، في حين أن ترجمة «لم ينبس ببنت شفة» إلى «He remained silent» تعتبر ترجمة بالمكافئ الديناميكي .

نظرية التغريب والتوطين Domestication and Foreignization: ويُقصد بالتوطين أن ينقل المترجم المعنى دون إضافة أي عنصر غريب من ثقافة لغة المصدر، وأن يستبدل ( يوطن) كل غريب منها، وبذلك يشعر القارئ بأنه يقرأ نصا أصليا، ولا يقابله أي إشكال ثقافي، لكنه قد لا يكتسب معلومات ثقافية جديدة عن لغة المصدر. أما التغريب فيُقصد به أن يُؤثر المترجم استخدام ونقل العناصر الغريبة (الجديدة) من النص الأصلي للنص المترجم، بمعنى أن ثقافة لغة المصدر تكون هي المسيطرة في نص الهدف، وهذا يضيف لمعلومات القارئ بعض المعلومات الجديدة، ويسمح له باكتشاف عناصر ثقافية جديدة، إلا أن بعض القراء قد يشعر بالنفور والغرابة، وقد ينصرف عن متابعة قراءة النص. فلو ترجمنا كلمات مثل: Tennis إلى التنس، وزكاة إلى Zakat، فإننا ننتهج التغريب بهدف تعريف القارئ بمصطلحات اللغة المترجم منها (المصدر)، وإذا ترجمنا Tennis إلى كرة المضرب، وترجمنا الزكاة إلى charity فإننا ننتهج التوطين، وبالتالي لن يعرف القارئ للترجمة أي شيء عن حقيقة الزكاة، أو عن ثقافة الغرب حيث ظهر التنس.

نظرية الهدفية Skopos Theory: وتعني أن الهدف من الترجمة يُحدد طبيعة الترجمة والناتج النهائي، وقد تختلف ترجمات نص واحد باختلاف الهدف من كل ترجمة، فمثلا عند ترجمة السيرة النبوية بقصد التعليم، فإن اللغة تكون حرفية وقريبة من النص الأصلي، ولكن إذا أردنا تحويلها إلى مقطع قصير للأطفال، فستتغير اللغة والأسلوب لما يناسبهم.

وهناك الكثير من النظريات الأخرى، مثل التوصيلية، والتداولية، والوصفية، وغيرها.

8- إستراتيجيات الترجمة

تتناول إستراتيجيات الترجمة الإجراءات والقرارات التي يتخذها المترجم عندما يواجه مشكلة في ترجمة جزء من النص، أو مفردة، أو فكرة من لغة المصدر إلى لغة الهدف، ومن أهم هذه الإستراتيجيات:

إستراتيجية الاستعارة Borrowing: اقترحها كل من فيناي» و «دار بلنت»، ويلجأ إليها المترجم عندما لا يكون هناك مصطلح مكافئ للمصطلح الموجود في النص الأصلي، فيقوم باستعارة لفظه ومعناه واستخدامهما، كقولنا: الإنترنت» و «جينات» و «أكسيد» وغيرها.

إستراتيجية التعويض Compensation: وتعني تعويض أي نقص في الترجمة بطريقة ما في نص الهدف، فمثلا عند ترجمة المثنى للإنجليزية - ولا يوجد فيها مرادف الصيغة المثنى كما هو معلوم - يلجأ المترجم إلى تعويض ذلك النقص لفظيا عن طريق إضافة اللفظ «two» أو «both» فيترجم: «كان الأخوان يسافران معا» إلى : The two brothers were travelling together

إستراتيجية الاستبدال Replacement: اقترحتها منى بيكر لحل المشاكل البارزة عند الترجمة إلى لغة تفتقر للمفردات اللازمة لترجمة نص ما، أي عندما تكون لغة الهدف محدودة وليست واسعة، فيقوم المترجم باستخدام معنى عام يقرب المعنى، وتسمى هذه الإستراتيجية بـ «الترجمة باستخدام مصطلح عام»، فمثلاً لو كان هناك نص إنجليزي يتحدث عن نوع معين من الطيور ليس له اسم بالعربية، فيمكن الإشارة إليه بلفظ عصفور أو طير، بدل استعارة الاسم واختراع اسم له.

إستراتيجية النسخ أو التطبيع Calque: وهي أن تترجم الكلمة أو العبارة، كما هي من لغة الأصل، حتى لو كان مفهومها جديدًا أو غير مستعمل من قبل في لغة الهدف، فمثلا تترجم Black market إلى السوق السوداء، و Cold war إلى الحرب الباردة، وهكذا.

9- مراحل الترجمة

هناك عدة مراحل للترجمة، وهي:

قبل الشروع في الترجمة: وتشتمل هذه المرحلة على عدة نقاط نجملها فيما يلي:

ترشيح النص: هناك عدة عوامل تؤثر في اختيار نص معين للترجمة، مثل: الغرض من النص، موضوعه إدراك الحاجة المعرفية منه، والأثر المرجو إحداثه لدى القارئ الهدف. 

تحديد المستهدفين من الترجمة: فهناك عدة أمور يؤثر وجودها في مخرجات الترجمة كدين وانتماء وعرق وثقافة القراء، ومعرفتها يعطي تصورا للقائمين على الترجمة حول طبيعة وشكل النص المترجم.

توفير معينات الترجمة: من شروحات ومعاجم وموسوعات وغيرها.

الإذن والتصريح: ويؤخذ من صاحب النص الأصلي أو ورثته أو مالك حقوق نشره .

اختيار فريق العمل: مترجم ، محرر ، مدقق، مراجع ، ناشر.

أثناء الترجمة: وتتكون هذه المرحلة من عدة نقاط : 

تحليل النص: وفي هذه الخطوة يتم التعرف على النص المراد ترجمته، وفهمه فهما تاما من جميع أبعاده، وهذا يُحتم قراءة النص أكثر من مرة، والتعرف على سياقه؛ ليحصل الانتقال من مبنى النص الأصل إلى معناه .

الوقوف على ما يمكن أن يُشكل خلال الترجمة: من غريب الألفاظ، والجماليات، والتعابير الاصطلاحية، والتعرف على مواطن الخسارة المحتملة لشيء من ذلك في الترجمة، ودراسة طريقة تعويضه، وصياغة الإستراتيجيات الخاصة بالتعامل مع ما يشكل عند ترجمة النص.

البدء بالترجمة: بإعداد المسودة الأولى من قبل المترجم نفسه، ومن ثم مراجعتها للتأكد من سلامة الترجمة، وخلوها من المعلومات الخاطئة التي لا تتطابق مع المحتوى الأصلي، ومعرفة مدى سلاسة الترجمة، وسلامة لغتها، ومطابقتها للغرض ولتوقعات الجمهور الهدف.

مرحلة ما بعد الترجمة: وتتكون من النقاط التالية:

مراجعة المسودة: وهي الخطوة التي يتم فيها دفع الترجمة لمراجع ؛ ليطابق بينها وبين الأصل للتعرف على أوجه الموافقة والمخالفة بينها، ولتسجيل ملاحظاته، وينبغي أن يكون المراجع ثنائي اللغة، أي يتقن اللغتين؛ المترجم منها والمترجم إليها. 

مراجعة الملاحظات: وهي الخطوة التي يأخذ فيها المترجم بالمناسب من ملاحظات المراجع، بعد دراستها دراسة موضوعية، وتقبل المناسب منها بصدر رحب .

التحرير: وفي هذه الخطوة يتعامل المحرر مع الترجمة مستقلة عن أصلها، وهذه المهمة تتطلب أن يكون المحرر على قدر عال من الكفاءة، من حيث الخبرة ودقة الملاحظة، ويتركز عمله على إخراج النص ليكون مناسبا تماما لقرائه المستهدفين .

إعداد النسخة النهائية: ويؤخذ في هذه الخطوة بإشارات المحرر، مع ملاحظة أنه قد لا يكون من أهل الاختصاص في الفن، ويقترح مقترحات تتعلق بالمحتوى المعنوي، فهذه تدرس بعناية قبل الأخذ بها .

اختبار الترجمة: وهي خطوة مهمة جدا للتعرف على مدى وفاء الترجمة بالغرض منها، وعلى ما يمكن لجعلها ألصق بهدفها. وهناك طرق متنوعة لاختبار الترجمة، لعل أكثرها فائدة عرض الترجمة على عينة تمثل شريحة القراء المستهدفين، وبعد أن ينتهوا من القراءة، تكون هناك حلقة نقاش ترصد فيها آراؤهم، ويؤخذ بالمناسب منها في الترجمة.

النشر: وهي الخطوة التي يتم فيها دفع الترجمة للمطابع ، و نشرها ليخرج النص المترجم في صورته النهائية، ويصل للقراء.

10- الترجمة المثالية

هناك عدد من المحددات التي تميز الترجمة المثالية عن غيرها، ونجملها فيما يلي:

الموافقة للهدف: بأن توافق الترجمة الهدف منها، ولا تخرج عنه لأهداف غير مرادة. 

الأمانة: على المترجم أن يتحرى الأمانة في نقل المعنى، والا يُخرج النص عن سياقه وجوه .

الدقة: فينبغي أن يتحرى المترجم الدقة قدر الإمكان، فلا ينقل المعنى على وجه العموم، بل على وجه الدقة .

الوضوح: بأن تكون قراءة النص المترجم سهلة وسلسة وبعيدة عن الغموض والتعقيد.

الطول المناسب: على المترجم أن يقدم ترجمة تناسب طول النص الأصلي، فلا يزيد في الشرح فيضيع القارئ، ولا ينقص منه ويحرم القارئ من المعاني الأصيلة.

الموازنة بين التوطين والتغريب: فلا تكون الترجمة غارقة في التغريب واستخدام ألفاظ أجنبية، فتبعد القارئ عن النص وجمالياته، ولا تكون موطنة بالكامل، فتحرم القارئ من عناصر الغرابة، التي قد يجدها جديدة وماتعة.

الابتعاد عن الآراء الشخصية: بأن تنقل آراء الكاتب الأصلي، وتقدمها كما هي للقارئ.

الخاتمة:

الترجمة عملية هامة للغاية، وخطيرة في الوقت نفسه؛ فقد ساهمت الترجمات في نهوض حضارات، ويمكن أن تساهم أيضًا في ذوبان ثقافات؛ ولذلك يجب أن تولى عملية الترجمة حقها من الاهتمام والعناية، وأن يتم توسيع دائرة الترجمة للاستفادة من العلوم المتوسعة يوميا، ولكن بضوابط تضمن التقليل من الآثار الجانبية الخطيرة للترجمة .



قم بتحميل تطبيق جراب الآن
s